الذوق في الحديث : ومنه : اختيار الألفاظ الحسنة ، والبعد عن البذاءة قال الشافعي لتلميذه الربيع لما أغلظ في الكلام على بعض الجالسين (ياربيع أكس ألفظك) حتى وإن كان الكلام مزاحا، ويجب البعد عن الطعن في الآخرين،والتشهير بهم واغتيابهم، ولو كانوا خصوما،فليس المؤمن بالطعان ولااللعان ولاالفاحش البذيء(8).
ويبتعد المسلم عن تزكية نفسه (فلاتزكوا أنفسكم)ويحرص على خفض صوته أثناء الحديث إلا بقدر الحاجة قال تعالى(واغضض من صوتك) ويحرص أيضا على إتقان أدب السماع والإصغاء لغيره، وهو أدب لابد من تعلمه ، فليس من الذوق احتكار الحديث ، وعدم إعطاء الفرصة للآخرين ليفصحوا عما في أنفسهم .
ولابد من قبول تصحيح الخطأ عند حدوثه، فكلنا ذو خطأ ، ومن المناسب ترك الإشارة أثناء الحديث إلا لحاجة خشية أن يشير إلى بعض السامعين بما يؤذيهم ، ويحرص المسلم في حديثه على استعمال اللغة العربية السهلة مع البعد عن اللهجة غير المفهومة(مثل استخدام العامية التي لايعرفها الآخرون)
ويتكلم بالمناسب على الطعام ويتجنب مايستقبح من الكلام حتى ولو كان تعريضا ، فإن ذلك من قلة الذوق ، وكثير من الناس تعزف نفسه عن الأكل بسبب هذا الكلام النابي عن الذوق .
وينبغي أن يبتعد عن المداخلة ومقاطعة المتكلم ، كما أن ذكر نهاية القصة أو الحادثة قبل أن ينهيها المتحدث عيب لانرضاه لمسلم فضلاً عن داعية ، قال أبوتمام :
من لي بإنســــان إذا اغضبتـــــه وجهلت كان الحـلم رد جـــــــوابه
وإذا صبوت إلى المـدام شربت من أخلاقــــه وســكرت مــن آدابـــه
وتراه يصغي للحـــديث بطرفــــه وبســـمعـــه ولعـــله أدرى بــــه
يقال : حدث رجل بحديث ، فاعترضه رجل فغضب عطاء ، فقال ماهذه الأخلاق ، ماهذه الطباع ؟ والله إن الرجل ليحدث بالحديث لأنا أعلم به منه ، ولعسى أن يكون سمعه مني ، فأنصت إليه وأريه كأني لم أسمعه قبل ذلك(9).
وإذا سئل جليسك عن شيء فلا تبادر أنت بالإجابة فإن ذلك أحفظ لأدبك ، وأنبل لمقامك ، قال مجاهد بن جبر : قال لقمان لابنه : إياك إذا سئل غيرك أن تكون أنت المجيب ، كأنك أصبت غنيمة أو ظفرت بعطية ، فإنك إن فعلت ذلك ، أزريت بالمسؤول ، وعنفت السائل ، ودللت السفهاء على سفاهة حلمك ، وسوء أدبك . وقال ابن بطة الحنبلي : كنا في مجلس أبي عمرو الزاهد الملقب بغلام ثعلب ، فسئل عن مسألة ، فبادرت أنا فأجبت السائل ، فالتفت إلي أبو عمرو الزاهد فقال لي : تعرف الفضوليات المنتـقبات ؟ ! أي : أنت فضولي ، فأخجلني(10).
ويجب أن ينزل الناس منازلهم في كل شيء ومن ذلك (الحديث) فإذا كان في المجلس من هو عالم أو صاحب تخصص يظن أن لديه علم أكثر من المتحدث فليعط المجال وذلك من توقير العلم وأهله "قال أبو سعيد سمرة بن جندب رضي الله عنه " لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً ، فكنت أحفظ عنه ، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني " رواه البخاري ومسلم .وبعض شباب الصحوة يتصدر أحدهم في المجالس مع وجود من هو في مقام شيوخهم.