علامات صحة القلب: أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أهلها، أو أبنائها، جاء إلى هذه الدار غريباً يأخذ منها حاجته ويعود إلى وطنه، كما قال (لعبد الله بن عمر: " كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل "[1]. وكلما مرض القلب آثر الدنيا، واستوطنها، حتى يصير من أهلها. - ومن علامات صحة القلب: أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله، ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه، فيستغنى بحبه عن حب ما سواه، وبذكره عن ذكر ما سواه، وبخدمته عن خدمة ما سواه. - ومن علامات صحة القلب: أنه إذا فاته وِرْدهُ أو طاعة من الطاعات، وجَدَ لذلك ألماً أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده. - ومن علامات صحته: أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب. قال يحيى بن معاذ: " من سر بخدمة الله سُرت الأشياء كلها بخدمته، ومن قرت عينه بالله قرت عيون كل أحد بالنظر إليه "[2]. - ومن علامات صحته: أن يكون همه واحداً، وأن يكون في الله يعني في طاعة الله -. - ومن علامات صحته: أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعاً كأشد الناس شحاً بماله. - ومن علامات صحته: أن يكون إذا دخل في الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا ووجد فيها راحته، ونعيمه وقرةَ عينه، وسرور قلبه. - ومن علامات صحته: أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه ويذكره به. - ومنها: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص على الإخلاص فيه، والنصيحة، والمتابعة، والإحسان، ويشهد مع ذلك منةَ الله عليه فيه، وتقصيره في حق الله.